الحصانة القضائية للمحكم بين الإطلاق و التقييد (دراسة مقارنة )




الحصانة القضائية للمحكم بين الإطلاق و التقييد (دراسة مقارنة )

الحصانة القضائية للمحكم بين الإطلاق و التقييد (دراسة مقارنة )
متى كان التحكيم وسيلة عصرية تتسم بالمرونة في حل المنازعات لا سيما التجارية منها على يد أشخاص يسمون بالمحكمين . فمن مزاياها توفير الوقت والجهد وحفظ الأسرار التجارية لا سيما لما يتعلق الأمر بالشركات العملاقة. وقد اهتم المجتمع الدولي بتنظيم التحكيم في العلاقات الاقتصادية الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في 1918 ، حيث أسفرت جهود عصبة الأمم عن وثيقتين هما : برتوكول جنيف لسنة 1923 الذي تناول بالتنصيص شروط التحكيم واتفاقية جنيف لسنة 1927 المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم. ونظرا لاتساع مساحة العلاقات التجارية بين الأفراد والمؤسسات وحتى الدول ، فلا يكاد يخلو عقد من العقود التجارية من النص على كيفية حل المنازعة التي تنشأ بين المتعاقدين لاحقا ، بل وصل بهما الإصرار على تضمين ذلك الشرط التحكيمي ضمن عقودهما خاصة تلك التي تبرمها مع الدول لا سيما دول العالم الثالث منها بحجة عدم الثقة في قضائها الذي تصفه في كثير من الحالات بعدم الاستقلالية ، الأمر الذي يدفع بها إلى الاحتراز خوفا من المغامرة في الاستثمار بتلك الدول ، وكثيرا ما كانت عقود الامتياز النفطية مكانا خصبا لهذا الشرط التحكيمي. ومن نتائج ذلك الشرط التحكيمي إسناد الفصل في النزاع إلى هيئة للتحكيم يعينها الأطراف أو عن طريق إحدى مؤسسات التحكيم التجاري الدولي التابعة لبعض الهيئات مثل غرفة التجارية الدولية بباريس. وكما هو معلوم فإن المحكم يفصل في النزاع بحكم يمهر لاحقا بصيغة التنفيذ فيصبح سندا تنفيذيا وهو بهذه المثابة يكون قد قام بعمل يشبه عمل القضاة التابعين للنظام القضائي للدولة الحالة التي تنتج عنها مشكلة مدى قابلية هذا المحكم للمساءلة القضائية عندما يرتكب خطأ بمناسبة وظيفته القضائية ) مع التحفظ على التسمية لوجود اختلاف فقهي حول تكييف عمل المحكم ( أم أنه محصن في مواجهة أية ملاحقة قضائية تماما كما هو الشأن بالنسبة للقضاة ؟ خاصة إذا علمنا أن الاتجاه المعاصر بالنسبة لمسؤولية القضاة يميل إلى تحميلها للدولة ، فمن يتحمل مسؤولية المحكم هل هو نفسه ) في التحكيم الحر ( وعندما يكون التحكيم مؤسساتيا هل يتحملها عنه المركز التحكيمي الذي ينتمي إليه المحكم ؟ وإذا كان المركز التحكيمي موجودا على أرض دولة ما وبموافقتها فهل تتحمل عنه المسؤولية ؟ تلكم هي أهم المحاور التي أتناولها بالدراسة والتحليل .


جميع الحقوق محفوظة لــ: الموسوعة القانونية الشاملة 2016 © تصميم : كن مدون